وصيتى

أنا في الخامسة والأربعين من العمر وفكرة الموت أصبحت تشغل حيز أكبر من تفكيري عن ما سبق , لذلك فكرت أن أكتب وصيتي حسب التقليد الغربي.

ولكن في الغرب يتم التعامل مع الإنسان كإنسان, لذلك من يكتب وصيته يقوم بحفظها ويموت وهو مطمئن لتنفيذها وإحترام رغبته.

ولكن في البلاد التي تهين الإنسانية وتعامل الإنسان كحيوان ليس لرأيه أي إحترام ولا إجلال لا يستطيع الإنسان حرية الإختيار, لا في حياته ولا في مماته, لذلك سأكتب وصيتي كتدوينة لمجرد التعبير عن ما أتمناه

الوصية:

أوصي أنا بعد موتي بالأتي :

1- أن لا يتم التعبير عن الحزن لموتي (سواء كان الحزن حقيقي أو مصطنع) بالصويت والصراخ والإبتذال.

2- أن لا يتم إختيار صندوق جثماني وكفني وسيارة نقل الموتي من النوع الغالي , ومن يخجل من رأي الناس ويهتم بتعليقاتهم فليفعل ذلك فيما يخصه هو وليس فيما يخصني أنا.

3- لا يتم الصلاة علي جثماني في الكنيسة القبطية لأنني أنفصلت عنها وأؤمن أنه حيث تكون روحي فأن هؤلاء الجهلة والعميان الذين يسمون أنفسهم (كهنة) لن يستطيعوا أن يفيدوني أو يضروني بأي شيئ , وأفضل أن يتم الذهاب بالجثمان إلي المدافن مباشرة بدون أي طقوس دينية.

4- في مراسم العزاء ليلاً لا يتم كالمعتاد تشغيل الوعظات التافهة السخيفة المسجلة خصيصاً للعزاء ولا غيرها من العظات الدينية.

5- لا يتم إجبار إبني (أنطونيو) علي أي شيء (النظر علي جثماني أو عدم النظر, الذهاب للمدافن أو عدم الذهاب) بل يتم تلبية رغبته حسب رأيه بدون تدخل أو إقناع أو ضغط.

6- لا تقوم النساء وخصوصاً زوجتي بلبس ملابس الحداد السوداء إلا لفترة الحداد المتعارف عليها إجتماعياً (40 يوم) وإذا أرادت أقل فلها الحرية (والتأييد).

7- في ذكري الأربعين حسب العادة الفرعونية لا يتم عمل أي شعائر دينية ولا طباعة دعوات وعمل هدايا (التي يطلق عليها للتمويه تذكار) ومن يريد أن يقوم بحرق بضعة ألاف من النقود لمجرد التباهي فليفعل ما يحلوا له بعيداً عن ذكراي.

8- يتم نقل ممتلكاتي لزوجتي وأبني طالما كانوا علي قيد الحياة , وغير ذلك يتم نقلها لإبنة أختي , ولا يتم توزيعها حسب الشريعة الإسلامية التي لا أعتنقها.

9- أخر وصية لمن سيكون مسئولاً عن تنفيذها وترتيب المراسم (وغالباً ستكون زوجتي):

أنا أعفيك من كل ما سبق لأن المجتمع لن يقبل بهذه الوصية, وتنفيذها سيكون بمثابة عقوبة للجميع , لذلك أنا أعفيك وأتفهم صعوبة تنفيذ أي بند من البنود الثمانية السابقة وأعتقد أني حينها سأكون في حال لن يؤذيني فيه شيئ مادي ولن يفيدني أو يضرني بشر , أنا مجرد إنسان من 70 مليار إنسان ولدوا وعاشوا لفترة علي الأرض وماتوا ومثلما أختفت سيرة أغلبهم وأصبحوا مجرد رقم , سأصبح أنا أيضاً.

فليفعلوا بجثماني ما يحلوا لهم , هو أصبح مجرد مجموعة عناصر ميتة ستعود لتنضم لباقي عناصر الأرض ولن يؤثر علي روحي في شيئ.

فليفعلوا بمراسم الجنازة والدفن والعزاء ما يحلوا لهم , يمارسوا طقوسهم الدينية ويستمعوا لكهنتهم الذين يقدسونهم ويجعلوا نسائهم تلبس السواد بينما رجالهم لا يقيدون بأي قيود وكأن الحداد والحزن فرض علي النساء فقط

يمنعوا أبني وباقي الأطفال من الضحك واللهو والتليفزيون …الخ بكلمة (عيب) بينما هم يمارسون العيب في النميمة والتريقة والغمز واللمز علي بعضهم.

يصرفوا النقود في التباهي والفشخرة والمنافسة في التكلف تحت إدعاء أن هذا إكراماً لي

يفعلوا كل ذلك بأسمي ولكن كل ما أرجوه وأتمناه أن تعرفي أنتي وأبني أني كما كنت في حياتي ضد كل ذلك فأنا في مماتي خارج كل ذلك.

إلي لقاء في عالم أخر

إميل إقلاديوس

نوفمبر-2015

لا تطلبوا العلم في الصين ولا في إسرائيل

تعلموا من إسرائيل

تعلموا منها ما تفتقدونه

تعلموا منها كيف ترعي وتحافظ علي شعبها

تعلموا من شرطتها كيف تتعامل مع شعبها

تعلموا من جيشها كيف لا يوجه سلاحه لشعبه أو يدهسه بالمدرعات

تعلموا من إعلامها كيف يحترم عقل وحق شعبه في المعرفة

تعلموا من قضائها كيف يحاكم أكبر رجال الدولة والدين

تعلموا من شعبها كيفية إحياء وطن ولغة كانت من 100 سنه شبه ميتة

تعلموا منها تقدمها في التعليم والعلم بموارد أقل من بلاد كثيرة من جيرانها

إسرائيل ليست مثالية

هي طبيعية بها بشر طبيعين – بها الجيد والسيء – المعتدل والمتطرف – بها من يكره العرب ويرفضهم ومن يقبلهم – بها ظلم وعدل – بها مشاكل كثيرة

إسرائيل بها بشر طبيعيين

ويجب ان نكون كلنا طبيعيين

إكرهوها لتثبتوا وطنيتكم وإذا كان كل هذا يريحكم

إدعوا عليها بعد كل صلاة وراء شيوخكم

أوصفوا شعبها بأنهم أحفاد القردة والخنازير حسب كتبكم

صدقوا الأنبا بيشوي عندمل قال: أن هناك وعد الهي بأن ثلث إسرائيل سوف يكون لمصر

إفعلوا ذلك لتثبتوا تدينكم أو إذا كانت عقيدتكم تلزمكم به

ولكن

لن تتطلبوا العلم لا في الصين ولا في إسرائيل

لأنكم مشغولين بالكراهية والكبرياء

إيماني ودين أبويا

سألني شخص علي تويتر عن ديانتي , وعندما فكرت وجدت أنه لا يمكن وصفه في كلمة من هذه الكلمات الأربعة الموجودة في منطقتنا :

يهودي , مسيحي , مسلم , ملحد

الدين هو معتقدات وتصور لما بعد الموت تحدد طريقة حياة الإنسان

أغلب البشر يموتون وهم علي دين آبائهم وقلة هي التي تغير دينها

الدين مثل الجنسية , هو في الأغلب ميراث أكثر منه إيمان وإقتناع وإختيار

المصري مثلا الذي يؤمن أن مصر من أفضل بلاد وجنسيات العالم , بالتأكيد هو نفسه وبذاته وعقله وكينونته كان رأيه سيختلف لو ولد ووجد نفسه إسرائيلي أو سعودي …الخ

الإلحاد (في نظري) دين لأن من يعتنقه يري أنه لا حياة بعد الموت ولا خلود للروح وبالتالي يحدد الملحد طريقة حياته حسب إعتقاده لما بعد الموت (الفناء والعدم)

لماذا الحقيقة غامضة وغير واضحة ؟ لماذا يكون من الصعب جداً إقناع المخالف بعقيدتنا وإيماننا ؟ لماذا لا يعلن إله اليهودية أو المسيحية أو الإسلام أو غيرهم عن نفسه بوضوح وبدون تلميح أو شك ؟ لماذا لا يسمعه ويراه الجميع بطريقة مادية ؟

لماذا لا يستطيع الملحد إقناع المؤمن بأنه واهم ومغرر به ؟

أين هي الحقيقة ولماذا هي متخفية وما ذنب من لم يراها ؟ وما ذنب من ورث عقيدة خاطئة من أبويه ؟

يعتقد الكثير من المؤمنين بالأديان والملحدين بأنه إذا أستطاع أن يجذب شخص لعقيدته أو دينه ويجعل هذا الشخص يتحول ويترك الجهل الموروث ويعتنق العقيدة العقلانية الصحيحة (في رأيه) يعتقد أنه قد قدم خدمة جليلة للإله الذي يؤمن به (أو للبشرية في حالة الملحد) – وقد كنت واحد من هؤلاء

أنا لا أريد من أحد أن يغير عقيدته وأسمه وديانته في البطاقة لكي أحس بالنشوة الوهمية والمكسب الغاش

الأسماء والديانة المذكورة بالبطاقة والطقوس وترديد الكلمات بالشفاه هي ما يسميه أهل الشرق الأوسط (الدين) والدين فعلاً لا يخرج عن هذه الأشياء

في إعتقادي ليس المهم الدين , المهم هي الإنسانية

هذه الكلمة التي تحوي بداخلها كل العقائد والأديان والأفكار والطقوس

الإنسانية هي الإيمان بالفعل وبالقلب وبالروح

الإنسانية هي طريق الكمال الذي يجب أن نسير فيه ونحن نعرف ونعي أنه طريق بلا نهاية

الإنسانية هي التي حوتنا كلنا منذ أول إنسان وستحتوينا حتي أخر إنسان

لنختلف في كل شيء , كل شيء , حتي فكرة وجود الله نختلف عليها , ولكن لا يجب ولا يصح أن نختلف علي أننا كلنا شركاء الإنسانيةوتحت قوانينها وسموها

عندما نختلف علي الإنسانية يقتل أحدنا الأخر أو يستعبده ويبيعه ويشتريه ونكره بعضنا ونصل لأن نكره أنفسنا

الإنسانية هي الشعور القوي المزروع بداخلنا منذ ولادتنا بأن نحب وأن نفعل الصواب وأن نؤمن بالحق ونؤيده وأن نرفض ونحتقر الباطل – نفعل كل ذلك مهما كانت ديانتنا وعقيدتنا , نفعل كل ذلك بإنسانيتنا

الإنسانية هي مركز الوجود داخل الإنسان وتتجلي لنا ونحسها بداخلنا ونسميها الضمير الإنساني

الإنسانية تنغصنا وتؤلبنا وتلكزنا وتدغدغ مشاعرنا , تكئبنا وتفرحنا , تجعلنا أحياناً نفعل أفعال ضد المنطق , تصل بنا لأن نقدم حياتنا ونضحي بها ونموت لأجل أخرين

الإنسانية هي نفخة الحياة من الإله فينا وهو وجود الله بداخلنا (بالنسبة للمؤمن) وهي هبة الطبيعة والغريزة التي تميزنا عن باقي الأحياء (بالنسبة للملحد)

كل ما ورثناه من دين ومعتقدات من آبائنا , وما إعتنقناه وتعلمناه من خبراتنا وتفكيرنا لا قيمة له بدون الإنسانية

إذا تعارضت تعاليم أو عقائد أو نصوص مقدسة مع إنسانيتنا فهي عقائد وتعاليم ونصوص إما فاسدة أو فهمنا لها فاسد

لن تنتهي الحرب أبداً بين الإنسانية وضدها , الإنسان يحوي بداخله هذا الصراع الأبدي الأزلي بين إنسانيته وضدها

ولكن دائماً في النهاية تفوز الإنسانية . بعد كل الحروب الكبري خرجت الإنسانية منتصرة وأنتشر السلام ولم يفني البشر , تقلصت العبودية الصريحة لأقل مستوي , تقلص قتل الإنسان لأخيه لأقل مستوي وتقلصت الحروب لأقل مستوي .

كل طفل يولد يزيد من رصيد الإنسانية ويعلن عن وجودها وإستمرارها

إذا إستطعت أن أقرب أي إنسان لإنسانيته بدرجة أكبر وساعدته علي محاربة ورفض كل ما هو ضد الإنسانية فأني أكون بذلك قد بشرته بديانتي وجذبته لها .

لن أنشر ديني وعقيدتي وأقدم خدمة لإلهي بأن أجعل الناس مثلي , يجب أن أساعدهم في أن يقتربوا من إنسانيتهم (ويجب أن أقترب أنا منها أولاً) وأترك لهم ما ورثوه ولا أدعوهم لتغيير أسمائهم وديانتهم في البطاقة وتغيير طقوسهم (هذه حرب غبية وخاسرة).

أننا لا نجد لا نري الحقيقة ولا نستحقها لأننا لا نطلبها , نحن نطلب أن نفوز في صراع العقائد والأديان

لو إقتربنا من إنسانيتنا ولم نحاربها ونقاومها ونصبح أعداء لأنفسنا

لو لم نجعل الدين والعقيدة بديل لإنسانيتنا ومخدر لها

عندها علي ما أعتقد ستعلن لنا الحقيقة عن نفسها , ستظهر وتتجلي بوضوح , وسنري ونسمع كلنا ونفرق ما بين الحق والباطل

عندها سنؤمن بالإنسان وأبن الإنسان

وعندها سنكتشف أننا كنا نتخبط في الظلام وكنا محرومين من النور ليس بسبب أننا عميان ولكن بسبب أننا كنا نرفض فتح أعيننا